في نهاية عام 2019 وحتى مطلع 2020 جاءت موجة زلازل متابعة ضربت تركيا في مناطق مختلفة، ولكنها تركزت بشكل عام في محيط خليج مرمرة، ففي أيلول عام 2019 ضرب زلزال بقوّة 5.8 مدينة إسطنبول، وتلته هزات ارتدادية تجاوزت المئة هزة أقواها بقوة 4.1 درجة، وكان بحر مرمرة مركزاً لهذا الزلزال بعمق 6.99 كم. في حين تبعها زلزال اخر في كانون الثاني على شكل ارتدادات ضرب العاصمة أنقرة وولاية مانيسا بلغت شدتها أكثر من 4.5 درجة ا، كما ضرب زلزالٌ بقوة 6.8 ولاية إيلازيغ وملاطية وشعر به سكان المناطق الجنوبيّة في تركيا وأسفر عن 17 قتيل.
هذه ليست المرة الأولى التي تضرب الزلازل تركيا حيث أنها تاريخا كانت دوما منطقة معرضة للزلازل بل ضربتها زلازل مدة أدت الى موت الالاف. ففي 17 أغسطس عام 1999 ضرب زلزال شديدة محيط مرمرة، وتركز في مدينة كوجايلي المحاذية لإسطنبول، والتي ينتهي بها خليج مرمرة. هذا الزلزال الذي استمر ل 45 دقيقة أدى الى وفاة 17 ألف شخص، وجرح مئات الالاف، في حين تدمرت البنية التحتية بالكامل، وانمحت مناطق سكنية بأكملها.
منذ ذلك الحين تنبأ العلماء بحدوث زلزال كبير في مدينة اسطنبول في السنوات المقبلة، لذلك بذلت تركيا ومازالت تبذل الجهود منذ عام 1999 لرفع قدرة أبنيتها على التحمّل، ونشر الوعي السلوكيّ أثناء الزلازل، إذ يوصي الخبراء بجمع أفراد الأسرة بالقرب من مداخل الأبواب والابتعاد عن النوافذ والزجاج والثريات المتدلية من السقف وإغلاق منافذ الكهرباء والغاز. ناهيك عن الملاجئ المجهزة، فمثلا تضم إسطنبول وحدها 2864 مركزا للإيواء موزعة على 39 منطقةً في المدينة.
لماذا هذا النشاط الأرضي في تركيا؟
نقلا عن المنصة الإعلامية ساسة بوست التي عرضت أراء الباحثين في هذا المجال، حيث يقول الباحثون إن تركيا تقع على قمة واحدة من أكثر المناطق نشاطا في العالم من حيث النشاط الزلزالي. في جوهرها، فإن تركيا عبارة عن كتلة من القشرة الأرضية تقع في إطار جيوفيزيائي بين الصفيحة التكتونية العربية، التي تتجه نحو الشمال بمعدل حوالي بوصة واحدة في السنة، وبين الصفيحة الأوراسية، والتي تمثل، نسبيًّا، جسمًا غير قابل للحركة.
وضح علماء الجيوفيزياء أن كل ما يحدث لتركيا هو نتاج تحرك شبه الجزيرة العربية باتجاه كل من تركيا وإيران والعراق. المحركات التي تقود هذا التحرك البطيء للجزيرة العربية باتجاه الشمال توجد أسفل البحر الأحمر وخليج عدن. إذ إن هاتين المنطقتين تستضيف كلتاهما صدوعا في القشرة الأرضية أسفل المياه. وعلى طول هذه الصدوع تحدث تحركات يمينا ويسارا، وبالتالي تتسرب قشرة جديدة وتنتشر باتجاه أي من الجانبين.
بكلمات أخرى فإن وجود شق في منطقة ما يعني أن الشق يتوسع نتيجة خروج أجزاء جديدة من القشرة من أسفل الشق، وبالتالي يزداد تحرك كلتا الكتلتين اللتين يفصل بينهما الشق أكثر وأكثر. يعطي هذا الانتشار والحركة للصفيحة العربية دفعة باتجاه الشمال نحو تركيا والعراق وإيران؛ مما يجعل الصفيحة التي تضم هذه البلاد تحت الضغط وعدم الاستقرار.
ولكن بالرغم من كل هذه الظروف التي تضع تركيا في بؤرة أكثر المناطق التي قد تتعرض للزلازل تواصل الحكومة جهودها في تأمين المنطقة استعدادا لاي حدث قد يحدث كما تم ذكره سابقا، إضافة إلى أن الزلازل التي كان يتنبأ بها العلماء، والتي قد تصيب تركيا بعد زلزال 1999 انتهت بارتدادات أرضية، ورجات متتابعة لم تحدث الضرر الذي كانت متوقع.