مسك – تتكون من 48 حصاة مقسمة على شخصين، وهناك 6 تجويفات متتالية وخزنة أخرى منفصلة لكل منهما. ويسعى كل شخص إلى ملء التجاويف بالحصوات، ومن يملأ حصوات أكثر في التجويفات الخاصة به يفوز.
بقواعدها البسيطة، تجذب لعبة الذكاء والاستراتيجية التركية التقليدية “المنقلة”، اهتمام جميع الفئات ومختلف الأعمار كونها مسلية وسهلة التعلم، تتناقلها الأجيال عبر السنين.
وأُدرجت “المنقلة” على قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”، فيما يعمل الاتحاد العالمي للرياضات التقليدية (غير حكومي) على عقد دورات تدريبية سعيا لزيادة الوعي باللعبة التي تنتشر في مساحة جغرافية واسعة في تركيا وذات تاريخ يمتد لآلاف السنين.
وقررت اللجنة الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لـ”يونسكو” في اجتماعها الخامس عشر في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي إدراج اللعبة ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.
ومن خلال دورات تدريبية ينظمها لمختلف الفئات العمرية، يهدف مركز الرياضات والألعاب التقليدية في تركيا، التابع للاتحاد العالمي للرياضات التقليدية، إلى المحافظة على
اللعبة التي تُعد تراثا مشتركا للإنسانية، ونقلها إلى الأجيال القادمة.
* تاريخ عتيق وقواعد بسيطة
في حديث للأناضول، تقول المدربة بمركز الرياضات والألعاب التقليدية مريم أوزدمير، إن نماذج لتجاويف لعبة “المنقلة” عثر عليها في جدران موقع “غوبكلي تبه” الأثري بمدينة شانلي أورفا (جنوب)، ما يدل أن تاريخها يعود إلى ما قبل أكثر من 10 آلاف عام.
وأضافت أن “المنقلة” تتميز بسهولة قواعدها وسرعة تعلمها، ما يجعلها تجد إقبالاً من مختلف الفئات العمرية.
وعن أصل اسم اللعبة، أوضحت أوزدمير أنه توجد روايات كثيرة حول أصل كلمة “منقلة”، ومنها إنه قديما كانت تطلق كلمة “مانغا” على المجموعات المكونة من 10 أفراد بالوحدات العسكرية.
وتابعت أن للمجموعات قائد مهمته إطلاع جنوده بخطة الحرب، الذي يرسم الخطة لهم، وتتضمن تجاويف وبداخلها حصوات. حيث الحصوات هي الجنود والتجاويف هي الجبهة.
وهكذا أعجب الجنود بهذه الطريقة وحولوها إلى لعبة باسم “منقلة”، عابرة من الماضي إلى يومنا هذا.
وعن طريقة اللعب، قالت أوزدمير إن عدد الحركات في اللعبة مرتفع، واحتمال الفوز يزداد وفقًا لهذه الحركات.
وأضافت: يتنافس فيها شخصان، وهناك 6 تجويفات متتالية وخزنة أخرى منفصلة لكل منهما. ويسعى كل شخص إلى ملء التجاويف بالحصوات، ومن يملأ حصوات أكثر في التجويفات الخاصة به يفوز.
ولفتت إلى أن اللعبة تتكون من 48 حصاة مقسمة على اللاعبين بواقع 24 لكل منهما، أي 4 في كل تجويف من الستة التي تخص كل لاعب.
*اللعب للجميع
وذكرت أوزدمير أن الاتحاد العالمي للرياضات التقليدية، ينظم مهرجانًا سنويا مدته 5 أيام بمدينة إسطنبول، و”المنقلة” عادة ما تكون موجودة من بين الألعاب.
ويبذل الاتحاد، وفق أوزدمير، جهوداً للتعريف باللعبة وتعليمها للأطفال بالمدارس، وشرح قصتها وتاريخها وطريقة لعبها، كما يقدم اللعبة كهدية لمن يشارك في المهرجان، تشجيعا لهم على مواصلة ممارستها.
وأشارت المدربة التركية إلى أن “المنقلة” تُعد لعبة بدون عوائق يمكن للجميع لعبها، حتى أنه تم كتابة أبجدية للمكفوفين على لوحة اللعبة ليستطيعوا لعبها، كما نظمت بطولات عديدة موجهة لهم لتمكينهم من ممارستها.
وتابعت المدربة أنه انطلاقًا من مبدأ “اللعب للجميع”، فإنهم يعملون على تقديم تعليم لعبة المنقلة للطفل وعائلته وأقرانه، لنشرها ونقلها عبر الأجيال.
* المنقلة في كل منزل
وأوضحت أوزدمير أن مركز ممارسة الرياضات والألعاب التقليدية يهدف ضمن خططه السنوية إلى تنظيم بطولة كل عام للأطفال والبالغين والعائلات أيضًا في لعبة المنقلة.
وأضافت أنه لا يمكنهم حاليا تنظيم بطولات بسبب انتشار فيروس كورونا، ويكتفون بالتدريب على اللعب للأفراد أو المجموعات الصغيرة فحسب.
وتابعت “نهدف أن تكون المنقلة في كل منزل، وأرى أنه يتعين علي كمدربة أن أُدرب ما لا يقل عن أربعة أو خمسة آلاف شخص سنويا، فهي لعبة ذات جذور تاريخية قديمة”.
وحول إدراج “المنقلة” ضمن قائمة منظمة “يونسكو” للتراث الثقافي غير المادي، قالت أوزدمير إن ذلك سيساهم في إحياء اللعبة مرة أخرى، وسيعمل على زيادة التعريف بها على نطاق عالمي.
وفي 2020، استضافت ولاية أنطاليا التركية (غير حكومي)، النسخة الثالثة من المنتدى الدولي للرياضات التقليدية على مدى يومين (22-23 شباط فبراير)، بمشاركة 200 شخص، بينهم وزراء ومسؤولون حكوميون وأكاديميون وممثلو اتحادات من 55 دولة.