قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن الشراكة العميقة والقوية بين بلاده وبولندا ستكون ضمانا للسلام والازدهار في المنطقة.
جاء ذلك في مقال لتشاووش أوغلو، نُشرته جريدة “Cennik GazetaPravna” البولندية، اليوم الإثنين.
وأشار الوزير إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تمتد إلى أكثر من 600 عام، حيث بدأت مع إرسال الملك فلاديسلاف جاجيلو الثاني وفدا إلى السلطان العثماني محمد الأول عام 1414.
وأضاف: “أيّد أسلافنا دائما استقلال بولندا ووحدة أراضيها ولم يترددوا في خوض الحروب في سبيل ذلك، واستمر الأمر ذاته في العهد الجمهوري، ولم تعترف تركيا باحتلال بولندا خلال الحرب العالمية الثانية”.
وأوضح أن بولندا ردت على الموقف التركي بنفس مشاعر الصداقة، وانحازت لتركيا خلال سنوات النضال التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، وكانت أول دولة أوروبية توقع معاهدة صداقة معها.
ولفت إلى أن الصداقة القديمة بين تركيا وبولندا امتدت على نطاق واسع لتشمل السياسة والجيش والاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم، ليرتقي التعاون الثنائي مع توقيع إعلان بين البلدين عام 2009 إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وتابع: “إن الإرادة الصلبة لمواصلة تطوير علاقاتنا، إضافة لروابط تحالفنا القوية والقيم المشتركة التي نتقاسمها اليوم، هي ركائز شراكتنا الاستراتيجية”.
وأكد أن الحوار السياسي مستمر على كافة المستويات دون انقطاع، مشيرا أن الاتفاقيات الخمس التي أُبرمت خلال زيارة الرئيس أندريه دودا إلى تركيا في مايو/أيار الماضي دفعت بالعلاقات الثنائية قدما وعمقت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وذكر تشاووش أوغلو أن حجم التبادل التجاري المتوقع أن يتجاوز 8 مليارات دولار هذا العام، سيصل قريبا إلى الهدف الذي وضعه رئيسا البلدين المتمثل في 10 مليارات دولار.
وأردف: “كما أننا نولي أهمية لزيادة الاستثمارات المتبادلة، ونحن على استعداد لتحقيق إمكانات التعاون المهمة التي نمتلكها في مجال الصناعات الدفاعية، على أسس الإنتاج المشترك والتشارك التكنولوجي”.
ونوه إلى أهمية العلاقات الإنسانية كبعد للصداقة التركية البولندية، مضيفا بالقول: “أحفاد البولنديين الذين استقروا على أرض خصصها لهم السلطان عبدالمجيد عبر فرمان أصدره حينها، يعيشون في بولينوز كوي (القرية البولندية) قرب مدينة إسطنبول ويرمزون إلى الصداقة بين شعبينا”.
واستطرد: “اليوم يشكل أصدقاؤنا البولنديون القادمون إلى تركيا للسياحة جسرا إنسانيا بين البلدين، ونهدف من خلال بنيتنا التحتية السياحية الفريدة من نوعها في حوض البحر المتوسط لزيادة أصدقائنا البولنديين الذين نستضيفهم في بلادنا إلى 1.5 مليون في غضون السنوات القليلة المقبلة”.
وأشار تشاووش أوغلو إلى أن أكثر من 6 آلاف طالب بولندي يتلقون تعليمهم في تركيا، وأفاد بأن كلا من تركيا وبولندا تدركان قيمة روابط التحالف والعلاقات العابرة للأطلسي داخل بنية حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وأوضح أن نشر بلاده هذا العام طائرات “أف 16” في قاعدة “مالبورك” البولندية ضمن إطار أنشطة الشرطة الجوية لحلف “الناتو”، وإرسال الأخيرة بعثة عسكرية إلى تركيا في إطار التدابير الأمنية، أفضل مثال على تضامن البلدين من جهة وإدراكهما الالتزام بمفهوم “360 درجة أمن”.
وشدد على أن التعاون مستمر مع دخول رومانيا عبر عملية “التعاون الثلاثي بين تركيا وبولندا ورومانيا”، مشيرا أنهم يهدفون لتطوير العملية القائمة على مستوى وزراء الخارجية خلال المرحلة القادمة.
وتطرق وزير الخارجية إلى دعم بلاده الكامل لعضوية بولندا في “الناتو”، معربا عن تقديره أيضا لدعم الأخيرة لمسار عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.
وتابع: “ضمن هذا السياق، ستقدم عضوية تركيا وبولندا المشتركة في كافة المؤسسات الأورو-أطلسية، وبعبارة أخرى عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، مساهمة ذات معنى لأمن واستقرار وازدهار هذه المنطقة الجيو-استراتيجية وما وراءها”.
وأعرب الوزير عن ترحيب بلاده بالتعاون الإقليمي الذي تقوده بولندا، لا سيما “مبادرة البحار الثلاثة” الرامية لتطوير البنية التحتية الرقمية والنقل والطاقة في المنطقة الواقعة بين بحار الأسود – الأدرياتيكي – البلطيق.
وأردف: “نحن في تركيا على استعداد للمساهمة في هذه المشاريع، ومصممون تماما على مواصلة العلاقات بين تركيا وبولندا فوق هذه الأرضية الصلبة على أسس الصداقة والمصالح المتبادلة، كما أن شراكتنا القوية والمتعمقة ستكون ضمانا للسلام والازدهار في منطقتنا”.