شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن أسعار صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية ستشهد استقرارا في وقت قريب جدا.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الرئيس التركي خلال مشاركته في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه، الجمعة، عدة قنوات محلية.
وقال أردوغان في تصريحاته إنه “منذ إعلان البرنامج المالي الجديد وحتى عصر الجمعة ازدادت الودائع بالليرة التركية أكثر من 23.8 مليارا، والزيادة مستمرة”.
وأكد أن الأداة الجديدة التي تم تطويرها لحفظ الاستقرار المالي لا تتعارض مع دستور البلاد إطلاقا.
واعتبر أن مصدر قوة الليرة التركية نابع من متانة البنية التحتية للاقتصاد والقدرة الإنتاجية ومن القطاع المالي للبلاد.
وبعد التطرق للاجتماع الذي عقده مع المحللين الاقتصاديين اليوم، في قصر دولمة بهتشة بإسطنبول، أكد أردوغان أن الهدف الرئيسي من كل هذا هو تحقيق استقرار الليرة وزيادة مصداقيتها.
وأضاف: “داخل الأسواق الحرة لا بد لسعر صرف العملة الأجنبية أن يستقر عند السعر الذي تستحقه”.
وتابع: “لدي عبارة أستخدمها ‘المال يتدفق لمصبه‘ والمال الآن يجد مصبه، الأوضاع ستتحسن أكثر، ونحن لا نستعجل، قليل من الصبر والمضي قدما”.
وأوضح أن “الدولار يساوي 11 ليرة الآن وتراجع لما دون 10 ليرات، سنحقق الاستقرار لليرة التركية وذلك بالتعاون مع البنك المركزي ووزارة الخزانة والمالية والمؤسسات الاستشارية”.
وأكد أن الأداة المالية الجديدة لن تتسبب بخسائر للمواطن التركي، لأنه محمي بضمانة من البنك المركزي ووزارة الخزانة والمالية.
وبين أردوغان أن الأداة المالية الجديدة ستحقق الاستقرار في سعر صرف الليرة، الأمر الذي سيحقق مساهمة كبيرة في تعزيز ميزانية الدولة.
مواجهة الأسعار والاحتكار
ووعد بأن حكومته لن تسمح للمستغلين بزيادة أسعار المواد الاستهلاكية، مبينا أن الدولة عازمة على ذلك.
وأشار إلى أنهم أعطوا تعليماتهم لوزارات الخزانة والمالية والتجارة والزراعة من أجل التحرك لضبط التلاعب بالأسعار في السوق الداخلية.
وأردف: “الرقابة على الأسعار ستكون مشددة، وعلى أصحاب الضمير من مالكي سلاسل المتاجر أن يخفضوا الأسعار مع ارتفاع سعر الليرة التركية، وذلك بنفس السرعة التي أقدموا على رفعها، وإلا فستتم محاسبتهم وفق القوانين”.
وبحسب الرئيس التركي، فقد تمت مراقبة أسعار 100 ألف من المواد الاستهلاكية حتى الآن في كافة حلقات سلاسل التوريد، في ولايات البلاد الـ81.
ولفت أن عمليات الرقابة والتفتيش في الأسواق كشفت وجود تلاعب بأسعار بعض المنتجات، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
وأضاف مطالبًا المنتجين والموزعين والبائعين في الأسواق لعدم اللجوء لطرق ملتوية مثل رفع الأسعار والاحتكار، لافتا أن نتائج ذلك ستكون وخيمة، وكذلك الأمر بالنسبة لكل من لم يخفض الأسعار بعض تراجع قيمة الدولار.
وردا على سؤال حول احتكار بعض التجار السيارات في السوق المحلية، أكد أردوغان أن وزارة التجارة تواصل عمليات الرقابة على وكلاء شركات السيارات والموزعين في كافة الولايات ، وأنها تتخذ الإجراءات القانونية بحق المحتكرين.
وأشار أنه يتم التحضير لإجراء تعديل في البرلمان بخصوص زيادة عقوبات الاحتكار.
وشدد على أن إنشائهم نموذج اقتصادي خاص بتركيا، موضحا أن النظام الاقتصادي العالمي يقوم في جوهره على الفائدة، مشيرا أنها الفائدة تزيد من ثراء الغني وفقر الفقير.
وأردف أردوغان موضحًا أنه وقف على الدوام في وجه الفائدة، لافتا أن الفائدة تعد سببا رئيسيا للتضخم.
وأضاف أنه معدل الفائدة انخفض إلى مستويات 4.7، و6 بالمئة عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء، وأن التضخم حينها بلغ 6.7 بالمئة.
كما استطرد الرئيس التركي في الحديث عن أشخاص بالمعارضة استهدفوا مصداقية البنك المركزي التركي، ووقفوا وراء عمليات تلاعب بسوق المال.
وقال في هذا الصدد إن “عمليات التلاعب بأسواق المال جريمة يعاقب عليها القانون، ومن يقف وراء هذه العمليات ستتم محاسبته قانونيًا”.
الاقتصاد العالمي وتركيا
وعلى الصعيد الدولي أشار أردوغان إلى أنّ الاقتصاد العالمي شهد انكماشا بسبب وباء كورونا عام 2020 بنسبة 3,1 بالمئة، وفي مجموعة العشرين تركيا والصين الوحيدتين اللتين حققتا نموا.
وذكر أنّ حجم التضخم في الولايات المتحدة وصل إلى 6.8 بالمئة وهو الأعلى في السنوات الـ 39 الأخيرة, وفي منطقة اليورو ارتفع 4,9 ليسجل أعلى نسبة في آخر 25 سنة.
وقال كذلك إن “تركيا قادرة لأن تكون قاعدة لسلاسل التوريد والإنتاج العالمي. ونهدف لخلق نموذج تركي في الإنتاج والتصدير وذلك من خلال تدابير مالية وسياسات تحفيزية والإنتاج وتوفير فرص العمل وتصدير المنتجات ذات القيمة المضافة”.
وأردف :” من أجل تحقيق هذا الهدف على المدى المتوسط والطويل، تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي مهم جداً”.
وأكد أنّ الاقتصاد التركي لن يتخلى إطلاقا في المرحلة القادمة عن قواعد السوق الحر والحرية المالية
وتابع في هذا الخصوص:” السياسة الاقتصادية ستكون أكثر شفافية وتوازناً وستتوافق مع التوقعات وستكون أكثر استدامة، وسيتم اتخاذ التدابير اللازمة من أجل التقليل من عمليات التلاعب في الأسواق”.
كما أوضح أردوغان أنه “دون المساس بقواعد اقتصاد السوق الحر ، نوفر وسنضمن إنشاء بيئة مستقرة في النمو والتضخم والفائدة وسعر الصرف بما يتماشى مع حقائق الاقتصاد الكلي. وأثناء القيام بذلك ، سنزيد الإنتاج والصادرات والعمالة من خلال تشجيع الإنتاج ذي القيمة المضافة العالية “.
وأشار كذلك إلى أن “تحديد أولويات الصادرات ، وحل مشكلة عجز الحساب الجاري بشكل دائم ، والتغلب على فخ الدخل المتوسط ، وهي مشكلة شائعة خاصة للبلدان النامية ، هي من بين أولوياتنا القصوى”.
وزاد “هدفنا هو تقليل عجز الحساب الجاري مع ارتفاع الإنتاج ونمو الصادرات ، وحتى التحول إلى فائض الحساب الجاري. وبالتالي ، فإننا نهدف إلى تحقيق مسار نمو أكثر استدامة وزيادة رفاهيتنا الاجتماعية”
كما اعتبر أن “الخدمات اللوجستية لبلد ما هي أولويتها في منافسة ذلك البلد مع البلدان الأخرى. إذا كان بلد ما قد احتل الصدارة في مجال الخدمات اللوجستية، فهنيئًا لها. في الوقت الحالي ، تعتبر خدماتنا اللوجستية رائعة وهي تذهب إلى أبعد من ذلك كل يوم.”
كما أشار الرئيس لاتخاذ خطوات من أجل تطوير بنك للمواد الغذائية، وتفعيل نظام “إنذار مبكر” من أجل تحديد المخاطر التي تهدد الإنتاج الزراعي وتقييمها ثم تلافيها.
وفي ختام تصريحاته شدد الرئيس التركي على أن “العام 2022 بمشيئة الله سيكون أفضل من 2021. سنكون أقوى بكثير العام المقبل الذي نأمل أن نحقق فيه العديد من القفزات المختلفة”.