وصف وزير الخارجية الأذربيجاني جيحون بيرموف، الخطوات الرامية إلى تطبيع العلاقات التركية الأرمينية، بالهامة جدًا على صعيد الجهود الأذربيجانية التركية لتطبيع العلاقات مع دول المنطقة وإقامة علاقات جوار طبيعية.
جاء ذلك في تقييم أدلى به وزير الخارجية لمراسل الأناضول، على هامش مشاركته في “منتدى أنطاليا الدبلوماسي” الذي عقد بين 11 ـ 13 مارس/ آذار الحالي، بمشاركة وكالة الأناضول بوصفها “شريكًا إعلاميًا”.
وحول مشاركته في منتدى أنطاليا، قال بيرموف إن النسخة الثانية من المنتدى التي عُقدت هذا العام، شكلت منبرًا دوليا ناجحا في إظهار أهمية العمل الدبلوماسي، وأن أذربيجان شاركت في أعمال المنتدى بوفد كبير.
وأشار بيرموف إلى أن المنتدى شهد في نسخته الثانية مشاركة كبيرة، مما سمح بتبادل وجهات النظر بين المشاركين عبر الاجتماعات وحلقات النقاش الثنائية التي جرى تنظيمها والتي وفرت فرصة مهمة لتبادل وجهات النظر حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية.
ولفت إلى أن الاهتمام الكبير الذي أبداه السياسيون وخبراء العلاقات الدولية من جميع أنحاء العالم في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، أظهر تحول تركيا إلى مركز للعلاقات الدولية على مستوى العالم.
ونوه بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح منتدى أنطاليا الدبلوماسي، أعطى رسائل مهمة للغاية فيما يتعلق بالقضايا العالمية.
** العالم رأى صلابة وحدتنا وأخوتنا
وشدد بيرموف على أهمية عناصر التضامن في العلاقات التركية الأذربيجانية، مشيرًا إلى أن العلاقات القوية سجلت علامة فارقة في التضامن الثنائي في التاريخ المعاصر للبلدين.
وأضاف: “العلاقات الأذربيجانية التركية كانت دائما على مستوى عال جدا، لطالما وصلت علاقاتنا إلى قمة الصداقة والأخوة والدعم المتبادل والشراكة الإستراتيجية، وأخيراً التحالف الاستراتيجي مع إعلان شوشا (2021)”.
وأفاد أن الرئيس أردوغان والشعب التركي قدما دعما معنويا وسياسيا هائلا لأذربيجان وشعبها خلال معركة التحرير الوطني (حرب قرة باغ الثانية) التي استمرت 44 يوما، بدءًا من 27 سبتمبر/ أيلول 2020 لتحرير الأراضي الأذربيجانية التي كانت محتلة من قبل أرمينيا.
وأوضح أن الدعم التركي لباكو عزز من علاقات التعاون والتضامن بين البلدين، وأظهر للعالم قوّة العلاقات الثنائية بين الدولتين وصلابة الوحدة والأخوة بين الشعب التركي في البلدين.
** نتجه نحو إيجاد حل دبلوماسي لأزمة أوكرانيا
وتطرق بيرموف إلى الحرب الأوكرانية الروسية، قائلا إن اهتمام المجتمع الدولي تركز في الفترة الماضية على إيجاد حل للوضع في أوكرانيا في أسرع وقت ممكن، وأن استمرار الأزمة الأوكرانية وفق الوضع الراهن سيكون له انعكاسات وخيمة على المنطقة والعالم.
وحول الوضع الإنساني في أوكرانيا وحركة النزوح واللجوء الجارية فيها، قال: “كما تعلمون، نحن في تركيا وأذربيجان، لدينا علاقات جيدة جدًا وطويلة الأمد مع كل من روسيا وأوكرانيا، لذلك سعت كل من أنقرة وباكو لترك قنوات الاتصال مفتوحة مع الجانبين، وجرى اتخاذ خطوات تجاه إيجاد حل دبلوماسي للأزمة”.
وأردف أن الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية تركيا وروسيا وأوكرانيا الذي عقد في 10 مارس/ آذار الجاري في مدينة أنطاليا التركية، كان حدثًا كبيرًا جمع الجانبين معًا على طاولة الحوار.
وتابع: “رغم أن البعض يقول إن النتيجة المرجوة لم تتحقق خلال الاجتماع الثلاثي، إلا أن من الضروري أن نكون واقعيين في مثل هذه الحالات. الحصول على النتيجة المرجوّة عملية صعبة للغاية في مثل هذه الظروف. هناك هوة واسعة بين طروحات الطرفين، لكن انعقاد مثل هذا الاجتماع يعتبر لوحده نجاح كبير في العمل الدبلوماسي”.
وأكمل بهذا الخصوص: “إنني على ثقة من أن الجانب التركي سيبذل قصارى جهده لضمان استمرار هذه المحادثات”.
وأوضح الوزير أن استمرار الحرب سوف يزيد من عمق الأزمة الأوكرانية، وكذلك إلى تعميق الفجوة بين الشعبين الشقيقين والقريبين جدًا من بعضهما البعض (الروس والأوكران).
وفيما يتعلق بالخطوات المتخذة في إطار تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا وعرض أذربيجان الجديد لأرمينيا، ذكر الوزير أن الخطوات المتخذة لتطبيع العلاقات التركية الأرمينية هامة جدًا على صعيد تطبيع العلاقات بين دول المنطقة وإقامة علاقات جوار طبيعية.
ولفت بيرموف الى أن العقبة الأكبر في تطبيع العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا كان “عامل احتلال أرمينيا أراضٍ أذربيجانية”، مؤكّدًا أنه مع اختفاء هذا العامل، تقدمت أذربيجان باقتراح جديد لإدارة يريفان، في إطار الجهود الرامية لتسريع عملية تطبيع العلاقات الثنائية معها.
وشدد على أهمية الرسائل التي بعثتها أنقرة والتي تفيد بأنها مستعدة لتطبيع العلاقات مع أرمينيا، وزاد: “قدمت أذربيجان الدعم الكامل لهذا النهج، وهذا مؤشر مهم على أن كلًا من أذربيجان وتركيا يتخذان بإخلاص خطوات لإحلال سلام مستدام في المنطقة بعد انتهاء عامل الاحتلال”.
واستطرد: “ننظر إلى الجهود التركية (للتطبيع مع أرمينيا) بشكل إيجابي للغاية، بالطبع يجري في هذه المرحلة تنسيق كامل بين أذربيجان وتركيا كما كان عليه الحال في القضايا الأخرى، هذا التنسيق لا يجري ضد أرمينيا أو ضد دولة ثالثة”.
وأكمل: “كما أن القيادتين السياسيتين في البلدين تجريان مشاورات مستمرة حول الخطوات الراهنة والمستقبلية، المهم هو قدرة أرمينيا على إدراك هذه الخطوات بشكل صحيح، هدفنا هو تحقيق نتائج جيدة لتركيا وأذربيجان وأرمينيا وجميع دول المنطقة وإقامة علاقات متينة وطبيعية بين هذه الدول”.
كما أكد على أن المقاربة القائلة إن “ما هو جيد لتركيا وأذربيجان سيكون سيء لأرمينيا” خاطئة تمامًا، وأكمل: “نعتقد أنه سيكون من الواقعي تحقيق نتائج إيجابية لصالح مستقبل الدول الثلاثة إذا تمكنت أرمينيا من تبني نهج مختلف، أستطيع التأكيد على الأقل أن نوايا أذربيجان وتركيا صادقة بهذا الاتجاه”.
وحول زيارة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لأنقرة في 10 مارس/ آذار الجاري، أوضح بيرموف أن زعيمي البلدين ناقشا القضايا الثنائية والإقليمية، وفي مقدمتها الوضع في قره باغ وممر زنكزور، والخطوات الجاري اتخاذها لتعزيز مجالات التعاون.
وبشأن كيفية مساهمة أذربيجان في إمدادات الطاقة والمفاوضات ذات الصلة مع الاتحاد الأوروبي، أكد بيرموف أن بلاده شريك مهم للغاية للاتحاد الأوروبي، في مجال الطاقة.
ونوه بأن الاهتمام بأذربيجان ازداد في العام الماضي من أجل تلبية احتياجات الغاز للدول الأوروبية، وأن باكو تبذل ما بوسعها لدعم عمليات الحفاظ على الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية.