قال رئيس حزب “الوطن” الليبي، عبد الحكيم بلحاج، إن تركيا لم تُقصِ أي طرف ليبي من التواصل معها، مشددا على دور أنقرة الإيجابي في بلاده.
جاء ذلك في مقابلة أجراها مع الأناضول، غداة وصوله إلى العاصمة طرابلس بعد غياب لأكثر من 4 أعوام، حيث أقام في تركيا، قبل أن يغادرها مؤخرا في زيارة إلى قطر.
وقال بلحاج، إن “تركيا تلتزم مع ليبيا باتفاقيات أمنية واقتصادية، والواقع اليوم يقول إنها حققت توازنا في المشهد العسكري بالبلاد”.
وأضاف أن “هناك فوائد اقتصادية تتحصل عليها ليبيا كنتيجة لحالة الانفتاح على تركيا، والتي لم تستثنِ أي أطراف ليبية من التواصل معها”.
وأوضح أن “ثمة فرص كبيرة ومؤشرات للتعاون الاقتصادي بين مؤسسات وجهات بالمنطقة الشرقية مع تركيا، بعد سنوات من العداء المعلن، الذي لم يقطع نهائيا قنوات الاتصال بينهم”.
وتابع: “هذا تأكيد أن التنمية والتعاون (يعتبران) الصيغة الأفضل في التعامل مع هذه الدول”.
منع الاقتتال
وحول أسباب عودته إلى العاصمة الليبية، قال بلحاج: “عدت لطرابلس تلبية لدعوات متكررة من كافة الأطراف والقوى الوطنية داخل العاصمة ومناطق أخرى”.
وتابع: “لن أتوانى عن المشاركة في جهود منع الاقتتال بين الليبيين، وأدعو الجميع أن يكون الحوار السبيل الوحيد للعبور للمرحلة القادمة وإجراء انتخابات نزيهة بقوانين عادلة وتوافقية”.
وتعاني ليبيا حالة انقسام سياسي منذ أن منح مجلس النواب، مطلع مارس/ آذار الماضي، الثقة لفتحي باشاغا، رئيسا لحكومة جديدة، فيما يرفض رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب، تنفيذا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي.
وبشأن المجموعات المسلحة، قال رئيس حزب الوطن: “قادة المجموعات المسلحة والأجهزة الأمنية بطرابلس جميعهم ملتزمين بحماية العملية السياسية وألا يتورطوا في حرب تهدد الليبيين وتنهي فرص إنقاذ البلاد”.
وأعلن دعمه “لمسار الحوار بينهم من أجل حماية طرابلس ومنع انزلاقها للفوضى أو الحرب”، وشدد على أن “الانقسام الحادث بين المجموعات المسلحة في طرابلس، يحتاج إلى شخصية توافقية تكون قادرة على قيادة الحوار بينها”.
الدور المصري
وحول علاقة مصر بليبيا، قال بلحاج: “العلاقة مع مصر تطورت بعد أن نجحت الأطراف الليبية المختلفة في فهم مخاوف الجانب المصري، وكذلك نقلت مخاوفها من طبيعة الدور المصري”.
وأضاف: “نحن نتفهم المخاطر التي يسببها ضعف الدولة في ليببا لكل جوارها العربي والإفريقي أو الأوروبي، ولكن أيضا نتمسك بحق الليبيين في اختيار شكل نظام الحكم وطريقة إيصاله للسلطة”.
واستطرد: “هذا يعني بالمقابل أيضا عدم تدخل الأطراف الليبية في تحديد شكل الحكم في دول أخرى.. نحن نشجع القاهرة على مواصلة دعم خيار السلام في ليبيا”.
ولفت بلحاج، إلى أن “جميع الأطراف الدولية التي تواصل دعمها خيار الشعب الليبي في السلام والوحدة، هي أطراف يمكن التعاطي معها وفقا للمصالح المشتركة بين شعوبنا”.
وتابع: “طالما كانت الأطراف الدولية والإقليمية ملتزمة بهذا النهج فإن الليبيين سيصلون في مرحلة ما إلى عقد اتفاق شامل لرسم المرحلة القادمة ومؤسس على الالتزام بالتعددية واحترام نتائج الانتخابات التي يجب أن تجرى في ظروف ملائمة”.
الأمم المتحدة
وعن الوضع الأمني، أعرب بلحاج، عن ثقته “في قدرة البعثة الأممية على مواصلة قيادة جهود منع عودة شبح الحرب للبلاد”.
ولفت إلى أن “الأطراف الليبية مطالبة بالمرونة في مواقفها، فلا يصح أن يحرقوا البلاد من أجل العناد أو الصراع على السلطة”.
وأشار بلحاج، إلى أن “المنظومة الدولية مطالبة بدور أكثر حزماً مع الأطراف التي تسعى لإعادة الانقسام والحرب”.
وأردف: “المطلوب دعم حوار سياسي شامل، والحد من التدخلات الأجنبية التي أوجدت مخاطر تتهدد وحدة البلاد”.
ورأى أن “البعثة الأممية أصبح لديها فهم أعمق للأزمة الليبية، ولكن ننصحها بأن تكون أكثر شجاعة في مسألة كشف المعرقلين لمسار التسوية السياسية”.
وترأس بلحاج، المجلس العسكري لطرابلس، بعد سقوط العاصمة في يد الثوار، في أغسطس/آب 2011، وتولى تأمينها بعد انهيار نظام معمر القذافي.
وأسس بلحاج، حزب الوطن (إسلامي) في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قبل أن يتخلى عن رئاسة المجلس العسكري لطرابلس، في مايو/أيار 2012، ويتفرغ للعمل السياسي.
إلا أن متابعين يعتقدون أن تأثيره السياسي على كتائب مسلحة بطرابلس، بقي مستمرا، والتي لعبت دورا في منع قوات خليفة حفتر من دخول العاصمة، ضمن تحالف “فجر ليبيا” (2014-2015).
كما ساهم بلحاج، في دعم عملية “بركان الغضب” للتصدي لهجوم قوات حفتر على طرابلس (2019-2020)، عبر توفير العتاد العسكري، عن طريق أشخاص تابعين له، بحسب مراسل الأناضول.
ومنذ 2017، غادر بلحاج طرابلس، بسبب خلاف مع مجموعات مسلحة تدين بالولاء لحكومة الوفاق الوطني (2016-2021) على إثر معارضة قناة النبأ (التابعة له)، لسياساتها، وقربها من حكومة الإنقاذ الوطني (2014-2017) المنافسة لها في طرابلس.
وفي مارس/آذار 2017، قامت مجموعة مسلحة غير معروفة التبعية بالهجوم على مقر قناة النبأ، في منطقة زناتة بطرابلس (بالقرب من منزل بلحاج) وحرقها بالكامل.
وكان يدير القناة حينها وليد اللافي، الذي يشغل حاليا منصب وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة.
وفي أبريل/نيسان من نفس العام، استأنفت قناة “النبأ” بثها من إسطنبول، لتوقف العمل في يناير/كانون الثاني 2019، على خلفية أزمة مالية تعرضت لها القناة.
وتتزامن عودة بلحاج إلى ليبيا، مع انقسام سياسي بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، وتحذيرات من عدة أطراف داخلية ودولية من وقوع صدام عسكري بين قوات الطرفين.