حدد خبراء سوريون معنيون، 8 مكاسب مختلفة سياسية واقتصادية وأمنية لتشكيل المناطق الآمنة في شمال البلاد، معتبرين أنها تساهم في الاستقرار وتحسن الوضع الاقتصادي بتلك المناطق.
وتحدث خبراء للأناضول، عن هذه المكاسب وهي الاستقرار الأمني، وحدة الأراضي، إبعاد خطر الإرهاب من قبل الإرهابيين الانفصاليين، توفير المواد اللازمة والضرورية، تحسين الزراعة والاقتصاد.
وأيضا تشجيع العودة الآمنة الطوعية للسوريين وإعادة الإعمار، ضمان أمن دول الجوار، تمكين السوريين وتقوية يدهم بالمفاوضات الدولية عبر تقوية الموقف المحلي.
والمناطق الآمنة في سوريا هي مناطق عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الربيع”، التي نفذتها قوات الجيش الوطني السوري بدعم من الجيش التركي ضد تنظيمي “داعش”، و”واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابيين، حيث توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر من مرة باستكمال تنفيذ هذه المناطق بعمق 30 كيلومترا.
** توحيد المناطق
القائد العام لـ”حركة تحرير وطن” العميد الدكتور فاتح حسون، قال للأناضول: “تعاني المناطق المحررة في الشمال السوري من كثافة سكانية وتترافق هذه الزيادة باضطرابات وتهديدات أمنية متعددة المصادر، إضافة للوضع الاقتصادي المتردي بسبب الكثافة وضيق المساحة المزروعة”.
وأضاف: “يتطلع السوريون في هذه المناطق بشوق إلى الأخبار التي ترد حول عملية عسكرية تركية مرتقبة يشارك بها الجيش الوطني السوري، ورغبة شديدة في تحقيقها، لأنها تفتح كثيرا من الآمال حول البدء في عملية التحرير الشاملة وعودة البلاد إلى أيدي الشعب الذي يقرر بنفسه حكمها”.
وأفاد بأن “العملية المرتقبة تبشر في هذه المرحلة بإعادة الاتصال بين مناطق شمال غرب، ومناطق شمال شرق سوريا، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إبعاد تنظيم “واي بي جي YPG” الإرهابي (ذراع بي كي كي في سوريا)، عن المناطق المحررة المجاورة للحدود التركية”.
وأردف: “هذا يخفف الكثير من حدة عمليات التنظيم الإرهابي داخل سوريا وكذلك داخل تركيا، وإنقاذ الكثير من الأرواح البريئة، وتحقيق الأمن للسكان في سوريا وتركيا”.
** دعم اقتصادي
وتابع حسون متحدثا عن المكاسب: “من البديهي الإشارة إلى أن السوري الموجود في المناطق المحررة يعاني من شح نسبي في الموارد وخاصة في المحروقات، وعملية التحرير قادرة على زيادة تدفق الحاصلات الزراعية، والتي ستنعكس مباشرة على المواطن السوري في تأمين الاحتياجات الغذائية بكلفة أقل”.
وكشف أنه “مع تحرير بعض المناطق فإن زيادة حتمية ستحصل على المساحة المزروعة والمناطق الرعوية أيضا، وهو ما ينعكس إيجابا على توفر اللحوم وانخفاض كلفة إنتاجها، وزيادة المساحة ستعطي حرية التنقل بمساحة أوسع، ما يسمح بتوسيع دائرة البحث عن فرص العمل وتنوعها”.
وأردف: “المساحات الجديدة ستخلق متنفسا للضغط السكاني تسمح لكثير من المهجرين بالعودة إلى مدنهم وقراهم واستثمار أراضيهم ومحالهم، وتشييد وحدات سكنية جديدة في هذه المناطق تستوعب أجيالا جديدة تنامت خلال مرحلة الثورة وبعض المهجرين من مناطق أخرى، وهذا ما يساعد في عودة طوعية وآمنة للاجئين السوريين”.
وزاد: “كثير من أصحاب رؤوس الأموال السوريين يرغبون بتنفيذ مشاريع زراعية وإنتاجية وصناعية لتشغيل هؤلاء والاستفادة منهم في بناء وطنهم، وبالتالي فإن عودتهم ستكون فرصة جيدة للقيام بمشاريع إنمائية تعود بالنفع عليهم وتنعكس حتما إيجابا على السوريين من خلال زيادة فرص العمل”.
** توفير الأمن
من ناحيته، قال رئيس “جبهة تركمان باير بوجاق” محمد جرن، للأناضول، إن “هناك فوائد عديدة، لتشكيل المناطق الآمنة ومزيد منها، لأنها توفر الأمن لدول الجوار وبالتأكيد لتركيا، من تهديدات التنظيمات الإرهابية، وتساهم بالحد من عمليات النزوح داخل سوريا وباتجاه تركيا”.
وأضاف: “توفر المناطق الآمنة الحماية للسوريين الذين تعرضوا لظلم من النظام ومن التنظيمات الإرهابية، وتساهم هذه المناطق بالعودة الطوعية الآمنة الواعية مع الحفاظ على هوية المنطقة وتوفر لها المستقبل”.
وشدد أن “المستفيدين هم جميع المقيمين هناك ورجال الأعمال الراغبين في الاستثمار والتجارة، خاصة أن المنطقة يفترض أنها تشمل وجود قرابة خمسة ملايين سوري فيها ينتجون ويعملون بأمان”.
وختم بالقول: “كثير من الفوائد والمكاسب من تشكيل المناطق الآمنة ستؤدي بالنهاية إلى المساهمة مستقبلا في أي عملية سياسية من مثل أن تبدو هذه المناطق نموذجية ومثالية قياسا على بقية المناطق”.
** تمكين السوريين
أما الدكتور عمار قحف، رئيس “مركز عمران للدراسات”، فأفاد للأناضول، بأن “إنشاء المناطق الآمنة ينبغي النظر إليه ضمن السياق السياسي العام من وجهة نظر سورية لأن العملية السياسية لا زالت متأزمة ولا زال هناك رفض من كافة الأطراف وخاصة من النظام وداعميه لحل سياسي حقيقي”.
وأضاف: “ما سبق يتزامن مع تقلص الدعم الإنساني الإغاثي والطوارئ للسكان والسوريين في مختلف المناطق، وبالتالي المناطق الآمنة يسكنها حوالي مليوني سوري وفي إدلب نحو 3 مليون، هؤلاء لا يمكنهم انتظار التفاهمات الدولية، وهم بحاجة لإعادة بناء وطنهم المؤقت ليستطيعوا العودة لاحقا”.
وتابع: “أولى الفوائد هو تمكين السوريين وتقوية موقفهم التفاوضي المستقبلي، خاصة أن الدعم الدولي في تقلص، فالسوريين بحاجة لخلق مناطق آمنة لإعادة الناتج المحلي والاقتصاد المحلي لتقوية الموقف المحلي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
واستطرد: “كذلك تمكين السوريين للاستمرار وتطوير قدراتهم يتطلب منطقة آمنة تحافظ على الكوادر العلمية، وتطوير الاقتصاد المحلي وعودة السوريين المنتجين تتطلب منطقة آمنة، والمتواجدون في المخيمات العشوائية في الشمال يحتاجون منطقة آمنة لينتقلوا إلى منازل كريمة تليق بهم”.
وختم بالقول: “يوجد سوريون كثيرون يرغبون بالعودة لمناطقهم الأصلية في الشمال السوري ولكن ذلك يتطلب منطقة آمنة من القصف وآمنة من أي انتهاكات”.
** مكاسب المنطقة الآمنة
المحامي ياسر الفرحان، الباحث في القانون الدولي، تحدث للأناضول، عن مكاسب المنطقة الآمنة بأنها تتوزع ضمن خمسة حزم، وهي “مكاسب سياسية، تعيد التوازن على طاولة المفاوضات لدعم فرص الحل السياسي بما يحقق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة”.
وأضاف: “هناك فوائد أمنية، تمنع مليشيات (واي بي جي- بي واي دي/ بي كي كي) الإرهابية الانفصالية من الاستمرار باستخدام أراضي تلك المناطق لتنفيذ أعمال إرهابية وجرائم ضد الإنسانية تستهدف المدنيين في سوريا وتهدد الأمن القومي التركي”.
وأكمل أن “هناك مكاسب إنسانية، تهيئ الظروف لعودة طوعية للاجئين والنازحين، من خلال توفير فرص التعليم والصحة وسبل العيش الكريم والسكن اللائق في هذه المناطق”.
وأشار إلى “فوائد اجتماعية، حيث تعيد القيم وأواصر الألفة والمحبة إلى هذه المناطق، من خلال إفشال مشاريع نشر ثقافة الكراهية والتحريض على العنف والجريمة، وتفرض مناهج مستهجنة في التعليم، وترتكب جرائم التهجير القسري لتغيير الديمغرافيا، وتمنع السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة”.
وختم قائلا: “المكاسب الاقتصادية، التي توفر فرص استثمار الثروات النفطية والزراعية والحيوانية، لصالح الشعب، وتمنع المليشيات الإرهابية من احتكار الثروات السورية وتهريبها واستخدامها بأعمال مشبوهة”.