في بعض الأحيان قد يكون مزعج للأهل وجود نمط شخصية معين لدى أطفالهم كأن يكون إنطوائي أو حيوي بشكل زايد مثلا، وقد يسعون أحيانا إلى جعل أبناءهم نسخه لشخص أخر، متغافلين بذلك أن لكل شخص نمط شخصية خاصة به، وصبغة يمتاز بها، و بطريقة التعامل السليمة والصحيحة، ومن خلال التوجيه الصحيح يتم تدارك العيوب في هذه الشخصية، وتنمية، وابراز جوانبها الجميلة.
في البداية يمكن القول أن الأنماط الشخصية تعني أن كل شخصيات تمتلك فروقات شخصية فيما بينها، وتستدعي هذه الفروقات بدورها طرق تعامل، وأساليب تعليم وتوجيه مختلفة أيضا. وهو أمر لا اختلاف فيه، والكل قد يستوعبه، ولكن الأهل لا يقتنعون أحيانا بهذا الإختلاف الموجود بين الناس، والاطفال كذلك، وأن أثناء محاولتهم لمحو هذا الاختلاف ظلم لأطفالهم و لأنفسهم.
يقول الدكتور رضا الحديثي المدرب، والباحث في علم الأنماط الشخصية و تطبيقاته أن الاختلاف، وأنماط الشخصية المختلفة بين الأفراد جاءت تبعا إما للصفات التي ولد معها الشخص، والتي تسمى الطبع والتي تكون موجودة في جيناته وأخذها إما من امه او ابيه، أو أجداده، وأخرى وصفات تطبع بها الطفل فيما بعد من محيطه تتغير وتتبدل تبعا للبيئة على المدى البعيد، وبالتالي تجميع هذين الأمرين يشكلان شخصية الإنسان.
وفي هذا السياق يضيف الدكتور أن الإشكال يُخلق عند الأهل عندما يكون اعتمادهم في تربية أبنائهم على مبدأ أن كل صفات الشخص تطبع مهملين، ومتجاهلين، وأحيانا غير مقتنعين فكرة أن هناك صفات ولد معها يمكن تقويمها، ولكن لا يمكن محوها أبدا، وتبدأ المشاكل تنهال على الأهل في هذا السياق عندما يبدؤون بمقارنة أبناءهم بالأطفال الآخرين بين نقص صفة محاولين غرسها بالغصب أو وجود صفة محاولين محوها تماما.
ونوه هنا الدكتور أن الطبع لا يمكن محوه إنما يمكن تهذيبه أو تطويره، ويتم ذلك من خلال اكتشاف إذا ما كانت الصفة طبع أو تطبع من خلال الانتباه إلى كيفية ممارسة السلوك أو تطبيق هذه الصفة واسترشد الدكتور رضا بمثال الكتابة باليد اليمنى واليسرى فعندما يقوم الشخص بالكتابة باليد اليسرى منذ نعومة اظافره تلقائيا تعلم أنه طبع لأنه يرتاح أكثر، ويميل لليد اليسرى في الكتابة أكثر، ولكن عندما يجبر نفسه على اليمنى سيكون في كتابته تكلف واضح بأنه أعسر وأن هذه الصفة ليست طبع في نفسه إنما يحاول تطبيع نفسه بها. وكذلك الصفات الاخرى فالطفل عندما يكون في حالة فرح أكبر بين الناس تلقائيا يمكن إكتشاف أنه اجتماعي ولو كان مرح أكثر ومرتاح عندما يكون وحده فهذا بدون شك يعني أنه انطوائي بالطبع.
على صعيد الشخصية الانطوائية التي قد تكون طبع لدى الطفل استعرض الدكتور عدة أساليب يمكن من خلالها تهذيب هذه الصفة لدى الطفل، وجعله شخص أكثر تقبل للمحيط واجتماعيا إلى حد مقبول. أولا على الأهل أن يتقبلوا هذا الطبع، وأن يدركوا أنها طبع، وليس مرض إنما نمط شخصي عادي، وثانيا عدم إقحام الشخص في ظروف اجتماعية مفاجئة مثل دفعه إلى إلقاء قصيدة أمام الناس بشكل مفاجئ، حيث أكد الدكتور أنت التدرج في تهذيب هذه الصفة أمر مهم للغاية.
وأضاف أن الطفل الانطوائي بطبعه لا يحب التجمعات الكبيرة لذلك على الأهل أن لا يقحموه في تجمعات كبيرة إنما محاولة دمجه في مجموعات صغيرة كذلك مساعدته دوما على تحضير خطاب مسبق لأن الطفل الانطوائي لا يتكلم إلا بعد تفكير، وبالتالي محاكاة الأهل له للأحداث اليومية، وبشكل متكرر مثل سؤال ماذا فعلت في المدرسة تساعده، وتحفز لديه قدرة التفكير المسبق وترتيب الجمل والكلام بشكل يريحه ويكسبه الثقة بنفسه.
وأشار في الختام أن الانطوائية طبع جميل أيضا يحمل صفات جميلة مثل الهدوء، والتأني، والحكمة يمكن للأهل أن ينموها، ويبرزها في شخصية الطفل في حين يتداركون و يهذون صفات أخرى بالحكمة، والتدرج.