تحتفل الشعوب التركية في 21 مارس/ آذار من كل عام، بعيد “نوروز” الذي يعلن بدء فصل الربيع والعام الجديد، فيما تحمل احتفالات هذا العام طابعًا خاصًا.
إذ احتفلت الشعوب التركية هذا العام بعيد نوروز بحماس غير مسبوق، بعد توقف دام عامين، وذلك جراء التدابير الوقائية التي اتخذت الحد من انتشار وباء كورونا.
نوروز الذي يرمز إلى عودة الحياة للطبيعة وقدوم الربيع بعد أشهر الشتاء، تحتفل به سنويًا الشعوب التركية من آسيا الوسطى إلى الأناضول، بمهرجانات ترمز للوحدة الاجتماعية والتضامن والتعاون.
ووفق مصادر صينية، فقد كانت شعوب “الهون” التركية التي سكنت آسيا الوسطى تاريخيًا، تحتفل بمهرجان الربيع في القرن الثالث قبل الميلاد، باعتباره يوم خروج الأتراك من خلف جبل الحديد وفق أسطورة “آركنه قون” التركية القديمة.
كما تعتبر الشعوب التركية يوم “نوروز” ويعني بالفارسية “اليوم الجديد”، أنه بداية لعام جديد، حيث تدب الحياة في الطبيعة وتعم الوفرة والخير.
وخلال العامين الماضيين (2020 و2021)، جرى تقييد الاحتفالات الشعبية بالعيد في جميع الجمهوريات التركية، في إطار إجراءات الحد من انتشار كورونا، لذلك تحمل احتفالات هذا العام حماسة ورمزية خاصة.
** بعض طقوس “نوروز”
تتناقل الأجيال طقوس الاحتفال بالعيد الذي يحمل طابعًا خاصًا ومميزًا بشكل أساسي في مناطق الأناضول وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى، ذات الغالبية التركية من حيث الثقافة والسكان.
وفي هذه المناطق الجغرافية، يجري إشعال النار المعروفة باسم “نار نوروز” والقفز من فوقها إيذانًا بدخول العام الجديد والتحرر من الخطايا، كما يتم الاستحمام في مياه الأنهار والبحيرات للتطهر من الذنوب.
ويلفت القفز فوق النار والاستحمام بالماء الانتباه باعتباره أحد العناصر المشتركة في جميع احتفالات يوم نوروز، حيث يرمزان لتطهير النفوس والتخلص من الذنوب.
وفي هذا اليوم يجري إعداد “مائدة نوروز” التي تحتوي على 7 أنواع من الأطعمة المميزة التي يجري تحضيرها خصوصًا من أجل هذا اليوم الذي يجمع جميع أفراد العائلة إلى مائدة واحدة.
كما يعتبر تقليدُ “ساماني” واحدًا من التقاليد المهمة لدى الشعوب التركية خلال احتفالها بنوروز، حيث يُنبت بعض الحبوب في أوعية خاصة توضع على “مائدة نوروز” يوم الاحتفال، في إشارة إلى الخير والوفرة.
ويتم إعداد الساماني عبر زراعة بذور حبوب مثل القمح والذرة والحمص في وعاء قبل أسابيع من حلول نوروز، وتمثل تلك الأوعية “عشبة الحياة” وفق الموروث الشعبي، ويتم إهداؤها للأصدقاء والجيران والأقارب عند حلول العيد.
كما يحرص المحتفلون بعيد نوروز على زيارة مقابر آبائهم وأجدادهم، في طقوس خاصة تعبر عن احترام الأسلاف، وطرق رؤوس البيض وإقامة المسابقات الرياضية، ولوحات الرقص الشعبي، وندوات الشعر.
** رابطة ثقافية تربط القبائل التركية
وقال عالمجان عنايت، عضو الهيئة التدريسية في قسم الفولكلور التركي بمعهد دراسات العالم التركي بجامعة إيجه، إن نوروز يرمز إلى عودة الحياة إلى الطبيعة والخصوبة والسلام والوئام والتضامن والوحدة واستقبال عام جديد.
وأضاف مراسل الأناضول، إلى أن الشعوب التركية في الأناضول (تركيا)، وجنوب القوقاز (أذربيجان) وآسيا الوسطى (كازاخستان وقرغيزيا وتركمانستان وأوزبكستان وتتارستان وتركستان الشرقية)، تحرص على الاحتفال بعيد نوروز الذي يعني “اليوم الجديد” ويمثل رابطة ثقافية تربط القبائل (الشعوب) التركية.
وذكّر عنايت بأن هذا العيد جرى حظره خلال فترة الاتحاد السوفييتي لاعتباره مصدر يغذي الثقافة والهوية الوطنية التركية، مشيرًا أن هذا العيد يحتوي على قيم ثقافية غنية ومتنوعة، ويعتبر أحد المهرجانات والأنشطة الثقافية التي تغذي الفلكلور في العالم التركي.
وأكد عنايت أن عيد نوروز يعتبر قيمة مشتركة لجميع الشعوب التركية التي تحتفل به في 21 مارس/ آذار من كل عام، وهو اليوم الذي يبدأ فيه فصل الربيع.