يعرض متحف إزمير للآثار تماثيل وأحجار نذور عُثر عليها خلال أعمال الحفر في منطقة إيجه (غرب تركيا)، يمتد تاريخها لـ 2300 عام وتصور “الإلهة” الأم كوبيلي وبجوارها الأسود، رمز القوة.
وكانت تماثيل كوبيلي التي تعود للعصر الهلنستي آخر ما وضع في “غرفة الكنز” بمتحف إزمير، وقد اكتشفت في حفريات جرت في “أفس” بقضاء “سلجوق” بإزمير وفي مواقع ميلس وسوكه بمنطقة ديدم بولاية آيدين (غرب).
وفي إطار مشروع “سترى ما لم تستطع رؤيته من قبل” الذي أطلقه متحف إزمير للآثار، يتم إخراج مجموعة من الآثار من المخازن كل شهر وتُعرض في المتحف. وعلى مدار شهر مارس/ آذار تعرض أربعة تماثيل وألواح تصور “الإلهة” الأم كوبيلي والأسود التي تصاحبها.
وتعتبر كوبيلي “إلهة” الجبال والطبيعة والخصوبة لدى شعوب آسيا الصغرى في فترة ما قبل التاريخ، وانتقلت ثقافتها إلى اليونان في بدايات القرن السادس قبل الميلاد ووصلت منها إلى روما عام 204 قبل الميلاد، وكانت إحدى آخر “الآلهة” التي اضمحلت عبادتها بعد ظهور المسيحية.
وتصور الآثار الرخامية المعروضة في المتحف “الإلهة” كوبيلي في وضعي الوقوف والجلوس وبجوارها الأسود، بالإضافة إلى الكاهن الأكبر، و”أتيس” الذي يُعتقد أنه حبيب كوبيلي. وتراوح أطوال الآثار المعروضة بين 20 و50 سم.
– تصوير كوبيلي مع أقوى حيوانات الطبيعة
وفي تصريحات للأناضول، قال ألوان طورال أحد الخبراء في متحف إزمير إنهم يعرضون في إطار المشروع الذي بدأ في 2021، أعمالًا نادرة للغاية للزائرين كل شهر وإنهم سيواصلون المشروع حتى أواخر عام 2022 بعرض مجموعة من الآثار الدينية.
وأوضح طورال أنهم عرضوا خلال يناير/ كانون الثاني قطعًا أثرية من العصر الحجري الحديث يعود تاريخها إلى 8 آلاف عام، وآثاراً من العصر البرونزي يعود تاريخها إلى 5 آلاف عام خلال فبراير/ شباط، ووقع اختيارهم على “الإلهة” كوبيلي للعرض في مارس.
وتابع: “نرى انعكاسات الإلهة الأم على الرموز المقدسة في العصر الحجري الحديث، وهي تشير إلى الملكة كوبابا في ثقافتي الحيثيين والحوريين. ونراها في ثقافة الفريجيين باسم ماتار كوبيليا، وتعني العائدة للجبل، وفي الثقافة الإغريقية باسم (Meter) ويعني أم كل الآلهة والإلهات، وفي الثقافة الرومانية باسم (Magna Mater) الذي يعني الأم الكبرى”.
وأضاف أنها كانت تمثل البركة والطبيعة والخصوبة واستمرار الحياة، ولذلك كان لها أهمية كبرى في منطقة الأناضول.
وأشار إلى أنه بعد فترة معينة لم يعد يذكر اسمها في النصوص المكتوبة إذ كان يُعتقد أن ذكر اسمها يعد عدم احترام لها وكان يُكتفى بذكر “أم كل الإلهة” بدلاً من ذكر اسم كوبيلي.
وأفاد طورال بأن كوبيلي كانت من “الآلهة” التي تُعبد في الأناضول ومنطقة إيجه، وأن البحارة كانوا يضعون القرابين أمام تماثيلها على الصخور المطلة على البحر طلباً للصحة والبركة.
واستطرد: “عرض قطع أثرية خاصة بالإلهة الأم كوبيلي للزائرين في شهر مارس له مغزى كبير، إذ إن اليوم العالمي للمرأة يأتي في الشهر نفسه.. الآثار المعروضة تصور الإلهة كوبيلي حاكمة الطبيعية وبجوارها أقوى الحيوانات في الطبيعة. إنها توضح أهمية وجود المرأة في حياة الإنسان منذ العصور المبكرة”.