كل عام، تقدم “رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى” (YTB)، منحاً دراسية لآلاف الطلاب الأجانب من مختلف دول العالم، لمتابعة الدراسة الجامعية في الجامعات التركية.
وفي أحاديث للأناضول عقب مراسم حفل “جوائز خريجي 2022″، الذي نظمته “رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى” في أنقرة، تحدث بعض الطلاب الأجانب عن انطباعاتهم عن تركيا وتجربة الدراسة والعيش بها، بعد حصولهم على منح دراسية فيها.
** من يعيش في إسطنبول لا يستبدلها
الأوكرانية أوكسانا هيومينيوك الحاصلة على درجة الماجستير من معهد العلوم الاجتماعية بجامعة يلديز التقنية، قالت إنها بدأت تعلّم اللغة التركية بفضل معلمها التركي في أوكرانيا، وبفضله أيضاً تعرّفت على برنامج المنح الدراسية التركية.
وأضافت أن المسلسلات والأفلام التركية ساعدتها كثيراً أثناء تعلّمها اللغة التركية.
وأشارت هيومينيوك إلى أنها في أول أيامها في تركيا كانت ترى إسطنبول مدينة مزدحمة جداً ومخيفة لها، إلا أنها اعتادت عليها وأحبّتها مع مرور الوقت.
وتابعت “عندما جئت قال لي أحد الأصدقاء إن من يعيشون في إسطنبول لا يمكنهم العيش في أي مكان آخر بعد ذلك، إلا أنني لم آخذ كلامه على محمل الجد، ولكن الآن يمكنني أن أؤكد أنه كان على حق”.
وأشادت هيومينيوك بالشعب التركي “المضياف والكريم جداً” ووقالت إنها كانت ترى بعض العادات التركية غريبة عليها لاختلاف الثقافات بين البلدين، إلا أنها اعتادت عليها مع الوقت.
وذكرت أنها تخطط للعمل في التدريس بعد أن تخرجت، كما تهتم بمهن أخرى لتستفيد من ميزة معرفتها العديد من اللغات الأجنبية.
** أستودعك هذا الشعب الطيب
أما الغانيّ محمد فواز عبد الله الذي أتمّ برنامج الدكتوراه بقسم البيولوجيا الجزيئية بجامعة عثمان غازي في مدينة إسكي شهير، فقال إن علاقته بتركيا بدأت أثناء تعلّمه في مدارس غانا.
وأشار عبد الله إلى وجود سماتٍ مشتركة بين تركيا وغانا، وإلى أنهم يستخدمون بعض الكلمات التركية في لغتهم المحلية مثل كلمة “Merhaba” (مرحبا).
وأضاف أنه كان يعرف بعض الكلمات التركية قبل مجيئه إلى تركيا، ثم أتقن اللغة التركية بعد انضمامه إلى دورات تعليم اللغة.
ولفت إلى أن عائلته أرسلته إلى تركيا وهي مطمئنة وأن والدته ودّعته قائلة “إياك أن تتردّد للحظة في التضحية بنفسك من أجل هذه البلاد، أنا استودعك هذا الشعب الطيب”.
وذكر أنه في أول يوم له في المدينة الطلابية في إسكي شهير وجدهم يقدّمون طعام الفاصولياء الجافة، وهو من الأصناف التي اعتادت أمه صنعها له في غانا، ليبدأ مغامرته في تركيا بشيء مشترك بين البلدين.
وأضاف أنه يرغب بالعودة إلى بلاده لينقل إليها ما تعلّمه في تركيا وبذلك يتمكن من خدمة وطنه.
** تبادل ثقافات
التونسية جيهان مهيري التي أتمّت الماجستير بمجال الإعلام في جامعة أنقرة، قالت إنها وجدت معلومات عن برنامج المنح الدراسية التركية قبل أربع سنوات أثناء تجوّلها في تطبيق انستغرام.
وأوضحت أنها تقدمت للحصول على المنحة وحصلت عليها بالفعل.
وأضافت أنها كانت تعرف القليل عن اللغة التركية قبل مجيئها لتركيا، ثم تعلمت التركية واتقنتها بسرعة بعد حضورها.
وأشارت إلى أنها تعلمت الكثير في تركيا على مدار 4 سنوات، واكتسبت أصدقاء من مختلف دول العالم.
وذكرت أنها تعرضت لبعض المواقف المضحكة في تركيا، بسبب استعمال اسم “جيهان” في تركيا للرجال بينما يستخدم للنساء في تونس.
** 15 ألف طالب من 145 دولة يواصلن تعليمهم في تركيا
في 5 يوليو/تموز الجاري، احتفل 300 طالب أجنبي من 75 دولة بتخرّجهم خلال مراسم توزيع جوائز خرّيجي 2022.
والعام الجاري سجّل عدد المتقدّمين للحصول على المنحة التركية رقماً قياسياً، إذ تقدّم 165 ألفاً و691 طالباً من 171 دولة، للحصول على منح الليسانس والماجستير والدكتوراه.
ويواصل حالياً 15 ألف طالب من 145 دولة تعليمهم في تركيا في إطار برنامج المنح الدراسية.
وهذا العام، تخرّج من الجامعات التركية ألفان و325 طالباً من 107 دول.
** استراتيجية استقطاب الطلاب الأجانب
ومنذ عقود، تتبع تركيا استراتيجية استقطاب الطلاب الأجانب، التي عززتها عبر تقديم المنح الدراسية من خلال جامعاتها الخاصة والرسمية.
السعي إلى جذب الطلاب الأجانب زاد منذ ستينيات القرن الماضي من خلال الاتفاقيات الثنائية والتعاون المشترك مع العديد من الدول، وخاصةً الأوروبية.
ومنذ عام 1992، أطلقت تركيا “مشروع الطلاب الكبير”، وبدأت رسمياً اعتماد سياسات وخطط وتسهيلات لاستقطاب أكبر عدد من الطلاب الأجانب للدراسة في تركيا.
ومع تأسيس رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى (YTB) عام 2010، والتي أطلقت عام 2012 برنامج المنح التركية، تضاعفت فعالية هذه الاستراتيجية.
وبدأ الانعكاس الإيجابي لنتائجها يظهر على أرض الواقع بدءاً من العام الأول لتطبيق المنح، حيث نجح البرنامج باستقطاب 42 ألف طالب من عشرات الدول حول العالم.
وساعد على ذلك تعهد تركيا بتسديد نفقات الطلاب المتعلقة بالجامعة، بالإضافة إلى السكن والتأمين الصحي، فضلاً عن تذاكر الذهاب والإياب من وإلى تركيا، وبطاقات التنقل المجاني بالمواصلات.