أحمد الأقطش
لا يخفى على أي شخص يشاهد ما يجري من أحداث في الشارع الفلسطيني خصوصاً في مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية أن فترة حكم محمود عباس تلفظ أنفاسها الأخيرة وأن أعضاء المجلس المركزي لحركة فتح قد بدأوا بتجهيز أنفسهم لتقسيم تركة محمود عباس بينهم ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل سيتبقى لهم ما يمكن أن يتقاسموه ؟
يلاحظ الجميع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة واطلاق النار في السنتين الأخيرتين مع التغيير في نهج هذه العمليات والإنتقال من الوضع الدفاعي إلى الهجومي امتثالا لنهج مجدد الإشتباك في الضفة الغربية الشهيد جميل العموري الذي أطلق مقولة نغزوهم قبل أن يغزوننا ، بالإضافة إلى تشكيل مجموعات مسلحة تضم أعضاء من جميع الفصائل الفلسطينية يقاتلون بجانب بعضهم البعض تحت أسماء جديدة مثل كتيبة جنين (عش الدبابير ) وكتيبة نابلس (عرين الأسود) بعيدا عن البعد التنظيمي والفصائلي حتى أن هذه المجموعات أصبحت تحظى بتأييد شعبي ودعم من الفصائل التي ترى أن المقاومة المسلحة هي الحل الوحيد .
قبل أيام قليلة استيقظت مدينة جنين على خبر مقتل ضابط اسرائيلي بمنصب “نائب قائد دورية في لواء ناحال” العسكري بعد اشتباك مسلح عند حاجز الجلمة العسكري الإسرائيلي شمال مدينة جنين بعد اشتباه جنود الاحتلال بفلسطينيين تقدما صوب الحاجز، ثم باشرا بإطلاق النار على الوحدة العسكرية المناوبة في المكان ، كانت هذه الحادثة هي القشة التي قسمت ظهر البعير وأثبتت عدم صلاحية السلطة في القيام بالمهام التي وجدت لأجلها ليس لأنها أخذت منحناً آخر من تغير النهج الدفاعي إلى الهجومي فقد سبق هذه العملية بأيام قليلة عملية إطلاق نار على حافلة جنود إسرائيلية في غور الأردن أسفرت عن سبع إصابات ، ولكن لأن أحد منفذي العملية فرد من أفراد جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطيني وخريج جامعة الإستقلال العسكرية في أريحا .
المراسل العسكري للقناة 14 العبرية يارون بوسكيلا أشار بعد عملية حاجز الجلمة إلى أن ما يحدث هو جزء من المؤشرات الدالة على انهيار السلطة الفلسطينية ، وأن رجال الشرطة الفلسطينية يلاحظون بأن هذه السفينة تغرق وهم يهربون منها ويرى المحللون العسكريون أن السلطة الفلسطينية فقدت أهليتها وحتى أنها فقدت جزءا كبيرا من قاعدتها الشعبية فقد انخرط الكثير من أبناء كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح في المجموعات العسكرية الجديدة إلى جانب المقاتلين من الفصائل الأخرى بعيدا عن نهج التنسيق الأمني الذي تتخذه الحركة من بعد أوسلو ، حتى أن المقاتلين في هذه الكتائب أصبحوا مناهضين للسلطة ولأجهزتها الأمنية وأصبحوا سداً منيعاً ضد الإعتقالات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ضد رفاقهم من المقاومين في الفصائل الأخرى كما حدث بعد أن اعتقلت أجهزة الأمن الوقائي المطلوب الأول للإحتلال في نابلس مصعب اشتية ، بالإضافة إلى الخسارة الفادحة في انتخابات المجالس البلدية وانتخابات جامعة بيرزيت والتي تحاكي واقع الشارع الفلسطيني الرافض للسلطة وأجهزتها .
ويعزي المحللين العسكريين الإسرائيليين أن أسباب الفلتان الأمني وضعف السلطة هو الصراع على خلافة محمود عباس وتأثيره على الأجهزة الأمنية وأن وراء كل جهاز أمن فلسطيني يقف مسؤول ينتمي لأحد المعسكرات في فتح وجميعها تحاول الحفاظ على مكانتها بعد غياب محمود عباس .
ولكن يبقى السؤال هل سيتبقى شيء من تركة محمود عباس لكي يتقاسمه أعضاء المركزي أم لا ؟