فتاة يافعة تنتحر بعد تعرضها للاغتصاب، وأخرى قتلت على يد حبيبها السابق، وجثة ملقاة في مكان ما دون معرفة هوية القاتل، وجرائم أخرى باتت تزداد يوما بعد يوم في تركيا دافعة الشارع التركي إلى المناداة بعقوبات رادعة، وحقيقة، مثل الإعدام بحق المجرمين.
في عام 1984 تم تنفيذ آخر حكم بالاعدام في تركيا، ومنذ ذلك العام وحتى عام 2004 لم يتم تنفيذ حكم الإعدام مرة أخرى حيث تم حذف قانون الحكم بالإعدام من لائحة العقوبات في تركيا في ظل سعي تركيا إلى إحداث إصلاحات بهدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. غير أن الحال بدأ يتغير في السنوات الأخيرة، فالمنادين بحقوق الإنسان، والرافضين لحكم الإعدام، والذين علت أصواتهم بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى اليوم في وجه الحكم بالإعدام وتطبيقه مهما كانت النتيجة، بدأت تقابلهم أصوات مغايرة تنادي بعودة حكم الإعدام بحق بعض الجرائم لعله يكون رادع في ظل ارتفاع معدل جريمة القتل، والاغتصاب في تركيا في الآونة الأخيرة. وكان على رأس الداعين لعودة هذا الحكم بحق مغتصبي الأطفال والنساء والقتلة “داود بهتشيلي” زعيم حزب الحركة القومية الذي وضح، ومع افتتاح الدورة التشريعية في الأول من أكتوبر المقبل أنه ينبغي موافقة النواب على عودة هذه العقوبة في ظروف معينة. وأمام نداء داود بهتشيلي جاءت استجابة رئيس البرلمان التركي وعضو الحزم الحاكم ” حزب العدالة والتنمية” مصطفى سلطوب الذي أيد هذه الفكرة في سبيل الحد من بعض الجرائم البشعة مثل القتل واغتصاب الاطفال. في حين رفض الحزب المعارض “حزب الشعب الجمهوري” هذه الفكرة بشكل تام لأنها ستكون عقبة أمام الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق يقول الدكتور معين نعيم الخبير في الشأن التركي أن عودة حكم الإعدام ليس مجرد قرار برلماني بحاجة للتصويت ليتم الموافقة عليه وإقراره من جديد، حيث أن الأمر قد يمر بضغوطات اقليمية ودولية أيضا. ففي الوقت الذي كانت الحكومة التركية تحاول إقرار قانون الإعدام من جديد في سبيل تطبيقه على عبد الله جولن الذي اتهمته تركيا بأنه قاد الانقلاب الأخير تدخلت دول أوروبية وأمريكا للوقوف في وجه تحقيق هذه الغاية حتى تم إقرار الحكم على جولن والحول دون وقوع الإعدام. هذا مثال على قضية خاصة وآنية أما فيما يخص الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي فإن وجود حكم الإعدام في القانون التركي، والانضمام إلى الاتحاد يستحيل أن يلتقيان.
على صعيد محلي أضاف الدكتور نعيم أن الشعب التركي بطبيعته شعب عاطفي ولن يقبل إذا تم إقرار حكم الإعدام في الدستور بأن يتم تطبيقه لما سيأتي بعده من جرائم وحسب بل سيطالبون بتطبيقه على كل من سبق وعلى رأسهم قيادات حزب العمال المتهم بقتل أكثر من 30 ألف شخص خلال ال 30 سنة الماضية، وهذا ما يستحيل أن تطبقه الحكومة لأنه لا يتماشى مع بعض نصوص القانون التركي، وبالتالي عدم تطبيقه في مثل هذه القضية يعني ضجة كبيرة في أوساط الشعب ناهيك عن قضايا أخرى غيرها.
كما أكد أن الحزب الحاكم لن يقوم بهذا الأمر إلا إذا أخذت موافقة جميع الأحزاب حتى يكون هناك إجماع لتجنب جميع التبعات المتوقعة، وهذه الموافقة تعتبر أمر صعب للغاية. وبالتالي يتنبأ الدكتور أن تطبيق هذا القانون واقراره من جديد صعب للغاية في الوضع الراهن.
يمكنكم متابعة الحلقة كاملة عبر الرابط التالي :