يشهد العالم في الفترة الأخيرة بشكل عام، والمجتمعات الشرقية بشكل خاص تغيرات على عدة أصعدة سياسية واقتصادية وصحية حتى؛ ولكن في الفترة الأخيرة تصاعدت وتيرة نشاط الحركات النسوية، والتي تطالب بالدفاع عن حقوق المرأة، وأثر ذلك بدورة على المجتمع كامل وأصبحت هنالك ثورة على أرض الواقع تارة وأخرى في العالم الافتراضي تزادا يوما بعد يوم. يرافق هذا البروز مشاهد العنف الذي يمارس ضد المرأة، والتي باتت تظهر كثيرا على الإعلام في الفترة الأخيرة، وساعد على إنتشارها بشكل كبير، وعلى صعيد عالمي الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي.
خلقت هذه الثورة التي تقودها المنظمات النسوية، والناشطات إلى فتح الملفات القديمة التي تشجب الذكورية، وتذهب أحيانا إلى إتهام الدين بخلق فروقات وتميز بين الرجل والمرأة يؤدي بدوره إلى ممارسة العنف ضد المرأة، وإيجاد حجة ومبرر لهذا العنف الذي يمارسه الذكور.
ما هو المجتمع الذكوري ؟
يأتي هذا المصطلح في الأساس من وجود سلطة سياسة أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية ترى أن الذكور يتمتعون بصفات تأهلهم للإمساك بزمام الأمور والتمتع بقدر أكبر من السلطة، ولو نظرنا إلى هذا المصطلح من زاوية تاريخيه فقد كانت المجتمعات قديماً تقوم على مثلث من ثلاث ضلوع، الضلع الأول قائم على الإنتاج الغذائي، والضلع الثاني قائم على النزاعات والحروب، والضلع الثالث قائم على توريث الحكم، وكانت المجتمعات آن ذاك ترى أن الذكور أقدر على تحقيق قيام هذه الضلوع الأساسية تبعا لصفاتهم الجسدية ومقدرتهم على توارث الحكم وذلك لأن معظم الحكام كانوا ذكور في السابق.
ومع تتابع الازمان ظلت هذه الأفكار حتى اللحظة مصاحبة لبعض المجتمعات بنسبٍ متفاوتة حتى اليوم رغم التطور المدني والفكري، حيث يقول الباحث في الشريعة الإسلامية الأستاذ عباس شريفة أن المجتمعات العربية تحتوي نسبة سلطوية أكبر لصالح الذكور ناهيك عن العنف والتطرف الذي تعاني منه المرأة تبعا للعادات القديمة التي ما زالت مصاحبة حتى اليوم لهذه المجتمعات، ولكن لا يمكن إغفال وجود نسبة من السلطوية الذكورية في كافة المجتمعات وإن كانت بنسبة أقل.
الصراع بين النسوية والذكورية
ينقسم المجتمع عامة والعربي على وجه الخصوص في هذا السياق إلى قسمين قسم يرى أن المرأة تأخذ كامل حقوقها، ويرى أن كل تحرك نسوي هو تحرك تتحري غير متزن؛ واخر يرى أن المراة تعاني من الظلم، وأن الحراك النسوي أمر ضروري لانتزاع حقوق المرأة.
وفي هذا السياق تبرز عدة مشاكل أدت إلى احداث فوضى وحالت دون تحقيق المطلب الرئيسي. أولا تحوير المصطلحات، حيث ذكرت الناشطة الحقوقية أماني السنوار أأ اغلب المصطلحات التي يتم الترويج لها في سبيل الدفاع عن المرأة هي مصطلحات تنمي للعلوم الانسانية التي يعتبر موطنها الأصلي الغرب، فعندما تقوم بعض النسويات بالمناداة بإسقاط النظام الأبوي على سيل المثال، فهم يستخدمون المصطلح في سياق خاطئ، وبترجمة حرفية فيها لغط، حيث أن النظام الأبوي هو نظام يعني الإستبدادية في حين يصطاد البعض في الماء العكر ويعمل على التحريض على الأباء والمناداة بتحرر وتجرد المرأة من غطاءها الأسري فيحتار الفريق الثالث من النساء التي تقدر والدها من اخذ طرف النسوي أو الذكوري رغم رغبتهن بالمناداة بحقوق المرأة عامة.
وحول هذه النقطة أيضا أضاف الأستاذ شريفة أن البعض يوظف هذا النوع من الحراكات للاستقطاب، وتفتيت المجتمع وتقسيمه في حين أن القضية واضحة، ولكن التحيزات واللغط في المصطلحات أدى إلى دفع البعض إلى تبني موقف خاطئ أو غير مقدر له بشكل كافي او العكس.
كذلك أضاف أن الازدواجية التي تمارسها بعض التحركات النسوية أدت الى خلق فجوة في تحقيق مطالب كافة النساء، حيث أن بعض التحركات قد تنادي بحرية المرأة باختيار ما تشاء من الملابس ولكن تتغاضى أحيانا عن ما تعاني منه المرأة المحجبة على كثير من الأصعدة.
الدين الاسلامي والذكورية
أكد كثير من العلماء على أن الدين الاسلامي حمل معه الكثير من التشريعات التي أخرجت المرأة من استبداد المجتمع الجاهلي، وأن لا أحد يمتلك الحق على سبيل المثال لقتل امرأة تحت غطاء الشرف أو حرمان المرأة من ميراثها فقط لكونها امرأة، ولكن نجد كثير من الناس إما تستخدم الدين لتبرير أفعالها الظالمة في حق المرأة أو تحميل الدين المسؤولية عما تعيشه المرأة في حين أن التطبيق القاصر للدين في المجتمعات العربية وغلبة العادات والتقاليد عليه أدى الى خلق هذا التيار.
ونوهت الاستاذة أماني السنوار أن علماء الدين عليهم السعي إلى التطبيق الصحيح للدين في ما يخص المرأة بعيدا العادات والتقاليد، ومن جهة اخرى اكدت أنه على النساء أن يكن واعيات، ومدركات لكل المصطلحات، وأفكار التي ينادين بها في ظل الاستقطاء وتمويه الذي يقوم به كثيرين على حساب المرأة وحقوقها.