التقليد العام للحياة قائم على عدة مراحل يسير عليها، ويتبعها الكثير، فالطفل منذ نعومة أظافره يحتضنه والديه، ويتكفلون بدراسته، ومعيشته حتى يتخرج من الجامعة، ويظل المرء مرتبط بأهله ماديا حتى يجد الوظيفة المناسبة بعد عناء طويل للإنسان وذويه معا.
في بعض الأحيان يكون الإنسان لديه أحلام، وطموحات تفوق قدرات أهله المادية كأن يدرس في الخارج أو يسافر إلى أماكن جديدة او بناء مشروع خاص به من الصفر أو تعلم مهارة جديدة و الالتحاق بدورات غير مدفوعة لتنمية قدراته. وفي هذه الحالة يتمنى المرء لو أنه على قدرة للوصول إلى الاستقلال المادي لتحقيق ما يتمنى دون الضغط على أهله وإرهاقهم ماديا أو نفسيا حتى. وبالتالي فالاستقلال المادي إذن أن يعتمد الشخص على نفسه ماديا، ويكفي نفسه بنفسه، وأن يكون المنفق عليه هو ذاته دون مساعدات خارجية . مما يوفر للشخص عدة ميزات مثل الأمان المادي دون التزعزع أو التأهب خوفا من انقطاع التمويل الخارجي على عكس شعوره في حال كان يعيش في وضع التبعية المادية. كذلك الانطلاق في الحياة دون الخوف على كونه عبء على أحد.
تقول الأستاذة مريم مجيد الباحثة في إدارة الاعمال والتسويق أن الاستقلال المادي ليس له عمر محدد أو مرحلة محددة، حيث ان الاستقلال قد يكون في مقتبل العمر، وفي المراحل الثانوية، وقد يكون في الأربعينات، حيث أن هذا الأمر يرتبط بالشخص، وسعيه لتحقيق الاستقلال المادي لذاته.
وربما يتساءل كثيرون كيف لشخص في مرحلة الدراسة سواء الجامعية أو الثانوية أن يوفق بين مطلب الدراسة، وهدفه في تحقيق الاستقلال المادي حيث اشارت الاستاذة مريم أن لكل شخص موهبة خاصة به هو وحده الذي يستطيع تطويرها وتوظيفها في ذات الوقت لتحقيق مطلب الاستقلال المادي الذي حققه. واضافت ان الاعلام الرقمي أتاح للأشخاص تحقيق هذه الرغبة بشكل أكبر ففي وقت سابق كان الشباب على وجه الخصوص يحققون الاستقلال المادي بالعمل مساء مثلا والتعب في محاولة التوفيق بين العمل و الدراسة هذا ان استطاع ان يجد فرصة عمل ملائمة في حين ان الاشخاص ذوي المواهب الرياضية او الفنية مثلا يمكنهم ان يطورها عبر الإعلام الرقمي بمتابعة الفيديوهات التعليمية المتاحة مجانا في كثير من الحالات وبعد ذلك توظيف هذه الموهبة عر الترويج لنفسه و الوصول لاكبر قدر من الناس من خلال الإعلام الرقمي والتفاعلي.
الاستاذة مريم التي عاشت تجربة الاستقلال المادي من خلال افتتاح مطبخ بشكل ذاتي حيث كانت تدخر المادي من خلالها عملها بعمل متواضع صباحا في حين أنها كانت في المساء تتابع دراستها الجامعية وفوق هذا تمارس هوايتها في التطوع المجتمعي. أشارت ان تنظيم الوقت بشكل سليم هو السبيل لتحقيق أي هدف. وأشارت أنها تعرضت لكثير من العوائق، على سبيل المثال العقبة التي واجهتها في انجاز الشعار الخاص المطبخ و الذي كان بتكلفة تفوق قدرة مريم المادية مما دفعها للتعلم كيف تنجز الشعار بنفسها وبحثت عن الأدوات بأقل الأدوات لإتمام الشعار رغم كل العقبات.