مع بدأ تركيا التنقيب والبحث عن الغاز والبترول في البحر الأبيض المتوسط، تصاعدت الخلافات بين أنقرة واليونان بعد اكتشاف تركيا بأن البحر المتوسط غني بالذهب الأسود والغاز.
فالخلافات التركية اليونانية وهم أعضاء في حلف شمال الأطلسي ليست بجديدة على الساحة الدولية، بل سبقه خلافات بشأن المطالب المتعارضة على سيادة الموارد النفطية والغاز، إلا أن تنقيب أنقرة بالبحر المتوسط زاد وثيرة هذه الخلافات بين الدولتين مجددًا، على الرغم من أن أنقرة الدولية الوحيدة التي تعترف بجمهورية شمال قبرص التركية بصفتها دولةً مستقلة منذ عام 1983.
ومؤخرًا أرسلت الحكومة التركية إلى عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة جزيرة قبرص سفينتي تنقيب للبحث عن الغاز والبترول، الأولى اسمها “الفاتح”، والثانية تسمى “برباروس”، كما أرسلت في شهر يونيو الماضي، سفينة أخرى اسمها “يافوز” إلى شرق ما يعرف بـ “قبرص الشمالية”.
وعلى الرغم من اعتراض مجموعة من الدول الأوروبية على سعي تركيا للتنقيب عن الغاز والبترول، إلا أن أنقرة لا تزال مصممة على قراراها بالمضي قدمًا في البحث والتنقيب عن الذهب الأسود والغاز في البحر المتوسط.
تركيا تواصل التنقيب بالبحر المتوسط
ونشرت تركيا خرائط وصور للحقول المكتشفة بالغاز والنفط في البحر المتوسط، وهذا ما أكدته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي، التي قدرت بأن مخزون الغاز الطبيعي في البحر المتوسط يقدر بتريليونات الأمتار المكعبة من الغاز والنفط، وتساوي قيمتها مئات المليارات من الدولارات، وتحتوى كذلك على الملايين من براميل النفط.
وعلقت أنقرة عمليات البحث لأسبوع من أجل الشروع في مفاوضات مع اليونان، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن عن استأنف بلاده التنقيب عن الغاز والبترول في شرق البحر المتوسط.
وقال أردوغان :” إن اليونان لم تلتزم بتعهداتها المتعلقة بالتنقيب عن الغاز والبترول في المنطقة، خاصة بعد توقيع أثينا والقاهرة اتفاق لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة المشتركة بينهما في البحر المتوسط”.
وأوضح أن تركيا أرسلت من جديد “سفينة المسح الزلزالي” (بارباروس خير الدين) في مهمة التنقيب والبحث عن الغاز والنفط في البحر المتوسط.
الحقول المكتشفة بالبحر المتوسط
وعلى الرغم من خلافات الدولية مع تركيا لتنقبيها عن الغاز والبترول في البحر المتسوط، إلا أنها تواصل عمليت التنقب، ومن أبرز الحقول المكتشفة خلال السنوات الماضية.
حقل “ظهر” في المياة الإقليمية قبالة السواحل المصرية في البحر المتوسط، ويقدر الإحتياطي فيه بـ 30 تريلون قدم مكعب من الغاز، والذي يحتل المتربة العشرين كأكبر حقل غاز بالعالم.
وأما عن حقل “ليڤياثان” الذي يقع مقابل مدينة حيفا المحتلة من إسرائيل، حيث يبعد الحقل حوالي 130 كيلومترا قبالة ميناء حيفا، ويقدر الإحتياطي في بنحو 18 تريلون قدم مكعب من الغاز.
وكذلك حقل “تمار” في شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي يقع مقابل سواحل “سورية ولبنان وقبرص وفلسطين المحتلة”، حيث يعتبر هذا الحقل من أكبر حقول الغاز الطبيعي التي تكتشف في المنطقة، ويقدر الإحتياطي فيه من الغاز بـ 10 تريليون قدم مكعب من الغاز.
في حين حقل “أفردايت” الذي يقع في المياه الإقليمة القبرصية في البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ الإحتياطي فيه من الغاز بـ 8 تريليون قدم مكعب من الغاز.
أهداف تركيا..وتخوف الإقليم
ولا تزال تركيا تؤكد بأن تحركتها في التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط يأتي ضمن القانون الدولي، وجرفها في القاري في المياة الإقليمية لقبرص التركية.
وتسعى أنقرة من خلال التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط بأن تكون القوة البحرية الأولى في الشرق المتسوط، والتي تنفذ برامج اسثمارية للطاقة في المياه الإقليمية لمصلحة الشعب التركي، وشعوب المنطقة.
وكذلك تهذف أنقرة للنهوض وفق القواعد الجديد التي يحددها القوى الفاعلة بالعالم الإسلامي والتي تحاول اقتحام الأسواق الاقتصادية الفاعلة للقوى العظمي، في محالة لإزحة الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط.
ولكن وبحسب المحللين السياسين أذي التنقيب التركي في البحر المستوط عن الغاز والبترول، إلى خلق تحالف أمني وبحري ضد أنقرة وحكومتها، التي بدأت تقرت من إنتهاء إلتزامتها الدولية المقبضية لنشاطتها؛ بسبب معاهدة 1923 التي جائت نتيجة بما ئلت له الحرب العالمية الأولى.
ويفسر المحللين والخبراء في السياسة الدولية، اتجاه بعض الأطراف الإقليمية إلى تصعيد الخلافات والتوثرات لغظ النظر عن نموذجها الناجح في إدارة البلاد، من خلال استنزاف قدرات تركيا خارج ملعب التنمية الشاملة.
حيث تتخوف القوى الإقليمية من اسثمار تركيا للطاقة التي تبحث عنها في موقع متقدم من مجموعة الدول الأكثر تقدماً وإقتصادًا في العالم .
وأمام أهداف أنقرة التي تسعى من خلالها لبسط سيطرتها في الشرق الأوسط والمياة الإقليمية؛ من خلال التنقيب عن الغاز والبترول في البحر المتسوط لإسثمارها في الطاقة، هل ستتمكن تركيا من طرد الهيمنة الغربية من الشرق الأوسط؟.